الألعاب الإلكترونية
. 01 مارس 2024
الشيخ إسماعيل المجذوب

209

سؤال عن بعض الألعاب الإلكترونية:
 

بسم الله الرحمن الرحيم
سئلت عن تطبيقات على الجوال أو الكمبيوتر تشتمل على كسب أرباح في اللعبة فيمكن لشخص أن يربح من شخص آخر أو يخسر.
وذكر لي أنَّ في بعض تلك التطبيقات ما يضطر اللاعب أن يتابعها في كل يوم ساعات طويلة وإلا فإنه لا يربح.
وذكر لي أيضاً أن في بعضها مظاهر حرب وسحر واستعانة بالسحر وبتعاويذ سحرية.
وتواترت الأخبار بأن كثيراً من الشباب يُضَيِّعُون مقاديرَ كبيرة جداً من أوقاتهم وبعض واجباتهم. 
فأجبت كل سائل على حسب سؤاله. 
ومما أجبت به عدم جواز اللعب إذا كان فيه ربح وخسارة للمال أو لأشياء لها قيمة مادية أي قابلة للبيع والشراء.
ومما أجبت به التحذير من تضييع الأوقات فيما لا فائدة فيه.
ولم أنشر شيئاً مما أجبت به السائلين، كما أني لم أجب عن أي سؤال يتعلق ببرنامج أو تطبيق الكتروني بعينه.
وإني أرى من الخير أن أبين للإخوة جانباً من ضياء الشريعة حول الألعاب الإلكترونية بشكل عام    
إضاءات تتعلق بالألعاب الإلكترونية
الإسلام دين اليسر ورفع الحرج
الإسلام دين أحل الله فيه الطيبات وحرم الخبائث
ومن كمال الإسلام ويسره وحكمته أنه ضيق دائرة المحرمات، ووسع دائرة المباحات.
ومن المباحات اللهو الذي ليس في مخالفة شرعية، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا زَفَّتِ امْرَأَةً إِلَى رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ : ((يَا عَائِشَةُ، مَا كَانَ مَعَكُمْ لَهْوٌ؟ فَإِنَّ الأَنْصَارَ يُعْجِبُهُمُ اللَّهْوُ)) [البخاري].  

اللهو منه مباح ومنه حرام
كل عمل يلهو به المسلم ويروح به عن نفسه حلال إذا لم يكن فيه جانب من المحرمات، سواء كان الغالب في هذا اللهو العمل الجسدي أو العمل الفكري، ويدخل في هذا الجوابِ الألعابُ الإلكترونية.
فإذا كان اللهو مثلاً فيه نسبة الألوهية لغير الله تعالى.
أو ما يترك في النفوس أن السحر له تأثير في بعض الأمور.
أو فيه تعاويذ مخالفة للشرع.
أو فيه شيء من قمار (ربح مال أو خسارته).
أو فيه إنشاء علاقات تسبب فتنة بين الشباب والبنات، وما ترك النبي  بعده فتنة أضر على الرجال من النساء، ولا أضر على النساء من الرجال.
أو كان هذا اللهو سبباً في التقصير في واجباته من العبادة أو من الجانب الاجتماعي أو التقصير في تحصيل مصالحه الدنيوية أو غير ذلك من أبواب الشر وأحواله.
إذا كان في هذا التطبيق أو هذا اللهو بعض الأمور المتقدمة أو غيرها من الشر فلا يُشَكُّ بأنه مخالف لشرع الله تعالى        
ومما تجب مراعاته في اللهو غير الفردي الذي يكون بين اثنين وأكثر وفيه غَلَبَةُ بعضِهم بعضاً بنقاط أو أرقام أن لا يكون الربح والغلبة بالمصادفة، بل بالجهد الجسدي أو الفكري، لأن للَّهْوِ الذي فيه ربحٌ أو غلبةٌ بالمصادفة أثراً سيئاً على النفوس يترك فيها توقعَ وانتظارَ الثمراتِ والرغباتِ بالمصادفة دون تخطيط ولا عمل.
ولعل هذا الجانب هو السبب في تحريم النرد وتحريم ما قاسه علماء الشرع على النرد من الألعاب التي تكون فيها الغلبة بالمصادفة. قال رسول الله : ((مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدَشِيرِ، فَكَأَنَّمَا صَبَغَ يَدَهُ فِي لَحْمِ خِنْزِيرٍ وَدَمِهِ)) [الإمام أحمد ومسلم] وقال أيضاً: ((مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدِ فَقَدْ عَصَى اللهَ وَرَسُولَهُ)) [الإمام أحمد وأبو داود].
ولهذا السبب نجد كثيراً من العلماء فرقوا في الحكم بين النرد وما في معناه مما يعتمد على المصادفة فحرموها وبين الشطرنج إذا لم يقارنه أمر محرم فقالوا بكراهته ولم يحرموه لأنه يعتمد على التفكير.        
والإسلام يعلمنا أن نأتي البيوت من أبوابها، وأن نحرص على جوانب القوة المختلفة مع العمل الطبيعي الموصل للهدف قال : ((الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ، خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللهِ وَلَا تَعْجِزْ)) [مسلم]. 
ما أطيب المؤمنين الحريصين على الخير الساعين لتحصيل كل قوة نافعة في الدنيا والآخرة يبتغون بذلك العملَ بتوجيه هذا الحديث الشريف. 
قيمة الوقت وضرورة المحافظة عليه
 الوقت أغلا من الذهب، وهو من أهم ما تجب المحافظة عليه، وخصوصاً أوقات الشباب؛ فقد يكون وقت ساعة من شاب أهمَّ من ساعات من عجوز؛ لأنَّ الشاب يستطيع أن يعمل فيها وينتج لمصلحته ومصلحة أسرته وأمته أكثر مما يعمل الـمُسِنُّ.
ولأن الشباب تعقد عليهم آمال عافية الأمة وصلاحها وتدرجها في مدارج الكمال المختلفة، فلا ينبغي للشباب المؤمنين المحبين لدينهم ويسعون في مصالحهم ومصالح أمتهم أن يبذلوا أوقاتهم بالأمور الرخيصة.
والمغبون الخاسر من يشتري بالثمن الغالي الأشياء الرخيصة التي لا فائدة منها.
والنبي  لا يحب لهؤلاء الشباب المؤمنين أن يكون أحدهم مغبوناً قال عليه الصلاة والسلام: ((نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالفَرَاغُ)) [صحيح البخاري].